موضوع: جيران يتبادلون المحبة على الأطباق الجمعة سبتمبر 14, 2007 11:05 pm
جيران يتبادلون المحبة على الأطباق
القرقيعان تراث قديم
تواصل وترابطنستقبل رمضان من كل عام بسحر مميز وروحانية خالصة فلا نملك حينها سوى التوقف والحنين لجذورنا والعودة لأصلنا ومورثاتنا التي هي جزء من حضارتنا وتاريخنا فعلى الرغم من فقدان بعض الأمور المحيطة بنا لمعناها وحتى مسماها يظل رمضان كما هو شهر الخير والعبادة والتواصل الإنساني ومن أبرز العادات الرمضانية تبادل الأطعمة بين الجيران والأصدقاء والأقارب حيث يهب كل منهم طبقا طعام للآخر كنوع من التعبير عن الحب والمشاركة. ذكريات وتستعيد أم سالم الذكريات بقولها ان تداول الاطعمة خاصة الشعبية منها كان ولا زال من سمات رمضان خاصة لدى الكبيرات في السن واللاتي يملكن فهما وتقديرا عظيما للعلاقات الاجتماعية.. وتوضح أم سالم أنها لا تستطيع أن تفوت يوما من رمضان دون أن ترسل لجيرانها طبقا من الهريسة التي تتفنن في صنعها وهي أكثر الأطباق الشعبية تداولا إضافة للأرز الحساوي وأن هذه العادة تنتشر بشكل كبير بين أهالي القرى والحارات الشعبية بينما تقل في المدن والحارات الحديثة والسبب في ذلك ربما يعود إلى تقارب المنازل بالقرى والحارات الشعبية وحرص الأقارب بها على السكن قريبا من بعضهم وهذا ما لا يتوفر بالمدن. روابط وتقول أم زيد ان تداول الطعام بين الأقارب في رمضان والذي يكون غالبا قبل أذان المغرب بدقائق والذي يقوم به الأطفال ليس مجرد عادة رمضانية قديمة حيث له أبعاد اجتماعية رائعة فهو يزيد التواصل ويقوي الروابط لأنه يعتبر نوعا من الهدية التي حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال «تهادوا تحابوا» إضافة إلى أن هناك أسرا فقيرة ربما يكون هذا الطعام قوتها الوحيد للإفطار فنسد جوعهم ونسعدهم وننال أجر إفطارهم كما أن هذه العادة تنعش تجارة الأواني البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد. تطوير وتشير أم صلاح إلى أن هذه الظاهرة الشعبية اللطيفة أخذت تأخذ شكلا آخر لدى بعض بنات اليوم وتأخذ صورا مختلفة فالبعض قام بتطويرها باستبدال الأطباق الشعبية بأطباق حديثة ومجهولة الاسم والتي تكون غالبا من أصناف الحلويات كما أن الغرض منها لم يعد للتواصل فقط بل للتباهي والتنافس بين بعض الصديقات في تقديم الجديد والأحسن وربما الرغبة في معرفة الرأي هو الدافع الأقوى لممارسة هذه العادة لدى نساء اليوم. وهي تخفف إلى حدّ ما من أزمة مائدة إفطار الموظفات اللاتي لا يملكن الوقت الكافي لإعداد أطباق متنوعة وكافية لإفطار أسرهن خاصة ممن يعتمدن على أنفسهن في إدارة شؤون منازلهن ويستغنين عن الخادمة ويعتمدن في الغالب على الأطعمة المثلجة التي تفتقر للفوائد الغذائية المفترضة منها. تراث ويؤكد أبو محمد أن عادة إهداء الطعام لا تنحصر بين الأسر بعضها البعض وحسب بل انها تتعدى ذلك لتقديم الطعام للفقراء والمغتربين بالمساجد حيث يحرص أغلب أهالي الإحساء على تحصيل أجر إفطار الصائم وعمل الخير في هذا الشهر المبارك وتساهم استمرارية هذه العادة البسيطة والجميلة في تعزيز التواصل الاجتماعي والإنساني بهذا الشهر الفضيل وتنقية وتصفية النفوس من أي شوائب وترسبات داخل القلوب بين الناس وبعضها مما يعزز من الترابط المجتمعي الذي يلعب دورا كبيرا في رقي المجتمع وحمايته من الأمراض الاجتماعية المختلفة كذلك تسهم استمرارية هذه العادة الطيبة في غرس قيمة التواصل الاجتماعي داخل نفوس الأطفال وتربيتهم على العطف والرحمة والمحبة بين الفرد والآخر وهذا ما يبرر توارثها من القدم حتى الآن فكثير من العادات الاجتماعية المتوارثة هي في حقيقتها وسيلة تربوية لتوصيل وزرع قيمة ما داخل نفوس النشء الذي يتأثر بكل ما حوله وما ينقله له ذووه ومجتمعه ومن ذلك الإصرار على إقامة القرقيعان في الخليج واقتناء الأطفال لفانوس رمضان في مصر وما إلى ذلك من العادات الاجتماعية المختلفة في كافة الدول العربية التي تحرص الشعوب العربية على الحفاظ عليها ويتوارثها أبناؤهم.