--------------------------------------------------------------------------------
الاختلاف في التفاصيل لا يوجب الاختلاف في الاصل
يقول البعض ان الاختلاف في تفاصيل العقيدة المهدوية يعني بطلان هذه العقيدة ولكي نقف مع هذه المقولة مفصلاً نحاول ان نبحثها بشيء من التفصيل بما يناسبها ويسمح به الوقت.
يقول هذا البعض ان احاديث المهدي عليه السلام لا تتفق على شيء وبالتالي فان عدم الاتفاق والاختلاف في التفاصيل يوجب الاختلاف في الاصل وبالتالي سقوط الاصل.
فيقول فان احاديث المهدي تختلف في نسبه حيث تصفه بعضها انه هاشمي واخرى انه من اهل البيت وثالثة انه من بني العباس ورابعة انه من ولد فاطمة واخرى انه من ولد الحسن واخرى انه من ولد الحسين عليهم السلام جميعاً وكذلك تختلف الروايات في تحديد مدة ملكه وتختلف في علامات ظهوره وتختلف في تحديد اسم امه واسم ابيه وتختلف في تحديد سنة ولادته وغيرها من الاختلافات الاخرى وعلى هذا الاساس وبناءاً على هذه الاختلافات الكثيرة ينكر البعض ولادة الإمام المهدي بل ويترقى بعضاً منهم وينكر عقيدة الإمام المهدي مطلقاً.
وقبل البدء في مناقشة هذه الاقوال نذكر بعض المسائل الشرعية والعقائدية التي وقع فيها الخلاف ولم ينكر اصلها.
حتى نصل من خلال هذا العرض المبارك إلى نتيجة ان قاعدة اختلاف التفاصيل ينفي الاصل غير تامة, فان الاختلاف في التفاصيل لا يوجب انتفاء الاصل.
الاختلافات العقائدية بين المسلمين:
1 _ الخلاف في حقيقة الصفات وكيفية وصف الذات بها فالمعتزلة تقول بالنيابة والاشاعرة بالزيادة والامامية بالعينية.
2 _ الاختلاف في حقيقة العلم الالهي وما هي حدوده وكيفية وصف الذات به.
3 _ الاختلاف في القدرة وحقيقتها وكيفيتها وكيفية وصف الذات بها وحدودها سعةً وضيقاً.
4 _ الاختلاف في حقيقة الارادة.
5 _ الاختلاف في الكلام الالهي.
6 _ الاختلاف في التوحيد في الخالقية والتدبير والتشريع والشفاعة والمغفرة وغيرها.
7 _ الاختلاف في الصفات السلبية بين مجسمة ومعطلة ومشبهة.
8 _ الاختلاف في حقيقة القضاء والقدر وما هو محل الجبر منهما.
9 _ نظرية الكسب والخلاف في افعال العباد والجبر والاختيار.
10 _ الاختلاف في الهداية والضلال ممن وكيفيتها.
11 _ الاختلاف في معنى السعادة والشقاء.
12 _ الاختلاف في معنى الحسنة والسيئة.
13 _ الاختلاف في عصمة الرسول صلى الله عليه وآله وعصمة الانبياء السابقين.
14 _ الاختلاف في النسخ وحقيقته والقراءات وحقيقة الكلام الالهي هل هو مخلوق ام لا وغيرها من العشرات بل المئات من المسائل العقائدية التي نجد فيها الآراء المختلفة هذا فضلاً عن الاهداف التاريخية ومواليد الانبياء والاولياء والعلماء والصلحاء وغيرهم.
فلم نسمع رغم هذه الاختلافات الكثيرة والكبيرة بان واحدة من هذه المسائل انكر اصلها لوجود الاختلاف في تفاصيلها.
اما في الجانب الفقهي والشرعي فمجال الاختلاف فيه حدث عنه ولا حرج ما عليك سوى مراجعة سريعة لكتب الفقه المقارن بين المذاهب الاسلامية لتقف على المئات من المسائل الخلافية, فكل مسألة فيها عشرات الآراء, فهل اوجب ذلك الخلاف سقوط اصل تلك المسائل.
ولنقف على مسألة فرعية واحدة وما حصل فيها من خلاف وما هي نتائج ذلك الخلاف على الواقع العملي ومع ذلك الخلاف الكبير الذي ستقف عليه إلا ان الاصل بقي على حاله واليك الاصل (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب).
فهذه القاعدة لم يختلف في صحتها اثنان.
ولكنهم اختلفوا في تفاصيل هذه القاعدة وكيفية تطبيقها ومن موارد الاختلاف التفصيلي: ما هي عدد الرضعات الناشرة للحرمة ومدة الرضاع وفي عمر الرضيع وفي المرضعة ذاتها هل في حياتها ام بعد موتها وفي كيفية ايصال اللبن للرضيع هل بالمباشرة ام بالتسبيب وغيرها مما يقف عليه المتتبع لكلمات الفقهاء.
فذهب مالك وابو حنيفة واصحابه وسفيان إلى ان الرضاع قليله وكثيره ناشر للحرمة ولا فرق عندهم في ذلك بين المصة الواحدة والمصتين هذا في الحولين اما بعد الحولين فغير ناشر.
بينما نجد عائشة كانت تقول برضاع الكبير وانه ناشر للحرمة كالصغير.
وذهب الشافعي إلى ان الرضاع الذي ينشر الحرمة لا يكون دون خمس رضعات.
وعلى هذا الاساس أي على اساس ان الاختلاف في الفرع يوجب الاختلاف في الاصل يجوز بالاخ من الرضاع ان يتجوز اخته لسقوط القاعدة بالخلاف في تفاصيلها وتطبيقاتها مع ان ذلك لا يقول به احد بل يتشددون ايما تشديد مع ان هذه مسالة فرعية فكيف باصل جعل عند البعض من ملحقات الامامة وعند البعض الآخر من الاصول.
ثم ان نفس ابناء العامة اختلفوا في تفاصيل العقيدة المهدوية اختلافاً كبيراً ابتداءاً من ان المهدي هل هو من ولد العباس ام من ولد فاطمة ام من ولد الحسين ام من ولد الحسن وكذلك اختلفوا في كيفية قيامه ومكان قيامه وهل هو من فروع الامامة ام انها مسألة انتهت وطبقت وهل هو فرد من افراد الاثني عشر في حديث سمره ام لا, إلى اختلافهم في هل هو حقيقة غير حقيقة عيسى ام ان لا مهدي إلا عيسى.
بل هناك خلاف اكبر عندهم بين من ينكر المهدوية وبين من يثبتها وحجة منكرها عدم رواية البخاري ومسلم لها وكذلك خلافهم في هل ان احاديث المهدي متواترة ام لا وكذلك خلافهم فيمن يقتدي عيسى بالمهدي ام المهدي بعيسى ومن أي مكان يخرج المهدي من الشرق من خراسان ام من مكة بل هل يخرج من الشرق ام من الغرب وكم مدة حكمه وغيرها من الخلافات الكثيرة في هذه العقيدة مما سوف تقف عليه مفصلاً مع ان كلهم حتى المنكر منهم يقول بعقيدة المهدوية.