وسائل لضبط ميزانية الشهر الكريم
الدمام - سعد البطيح
ارتفاع معدلات التسوق
استهلاك مضاعف
شهر رمضان المبارك هو خير شهور العام والذي قال عنه رسولنا الكريم- صلى الله عليه وسلم- لو علمتم ما في رمضان من خير لتمنيتم أن تكون السنة كلها رمضان، لما فيه من نفحات روحانية جليلة لو تعرَّض لها المسلم لغَدَا بعد رمضان إنسانًا جديدًا مقبلاً على الطاعة ومتلهِّفًا للعبادة ،ومتطلعًا دائمًا إلى مرضاة ربه -سبحانه وتعالى- ولكن للأسف ما نشاهده مع بداية الشهر الكريم، هو النهم الشديد والولع بشراء حاجات لا حصر لها فشهر رمضان الكريم يأتي مع موسم بدء الدراسة ،ومن قبله إجازة الصيف وبعده عيد الفطر المبارك، ورغم كل هذا فالكل يحرص على شراء مستلزمات رمضان قبل أن يبدأ ،وقد صار رمضان شهرًا استهلاكيا في كل شيء ، فحسب تقديرات مختصين فإن إنفاق الأُسَر الخليجية على الطعام والولائم يتزايد في شهر رمضان بنسبة تترواح بين 30% و60% عنه في بقية أشهر السنة، في الوقت الذي بلغ فيه العجز الغذائي في العالم العربي ما قيمته 13 مليار دولار في عام 2001 ،وفق دراسة الهيئة العربية للاستثمار والنماء الزراعي، ومظاهر الاستهلاك فهي مبالَغٌ فيها إلى حدّ كبير فلا يكتفي الناس بشراء كل مستلزمات هذا الشهر من الأسواق وتكديسها في المنزل بل لا يكتفون أيضًا بشراء كسوة العيد فقط بل يقومون بتغيير حتى أثاث البيت والديكور والدهانات وحتى الأجهزة الكهربائية وأدوات المطبخ واستبدال السجاد والموكيت بآخر جديد ،وكثرة والولائم الرمضانية وإعداد الخيام المكلفة أمام المنازل، وقد تتكلف الخيمة في الليلة الواحدة 1500 دولار بما تحتوي من طعام وشراب لا حصر له. فلماذا هذا الهوَس الاستهلاكي في شهر رمضان الكريم؟ وهل تستشعر القلوب وسط هذه الاهتمامات المادية روحانية ونفحات الشهر الجليل ؟
استعداد
وتقول أمل سعيد: قبل أن يبدأ شهر رمضان نستعد له بميزانية خاصة ونقوم بالنزول إلى الأسواق لشراء كل ما يلزم من احتياجات في هذا الشهر الكريم الذي اشتهر بكثرة الاستهلاك للمواد الغذائية وإعداد الحلويات ولا يستطيع أحد منا أو من الأبناء الاستغناء عن هذه الطقوس التي باتت معروفةً طوال الشهر الكريم ÷،وتؤكد نهى محمد «ربة منزل» أنه لا يمر عليها رمضان كل عام إلا بمشاكل مع زوجها لزيادة نفقاتها بشكل مبالغ فيه، مما يجعل زوجي يحصل على «سلفة» من العمل ويستدين من أصدقائه حتى يستطيع الوفاء بمتطلبات المنزل وملابس العيد وحاجات الأولاد، ومن ثم يأتي عليه العيد ولا يشعر بالسعادة وكل هذه الهموم متراكمة عليه ،ويضيف محمد العبد الله كثير من المواطنين يعلنون إفلاسهم في شهر رمضان نظرًا للمبالغ الخرافية التي ينفقونها في هذا الشهر الكريم سواء في الشراء من الأسواق أو شراء ملابس العيد وتغيير أثاث المنزل والسيارة ،والكل اعتاد على ذلك بحكم العادة ،ولا أعرف كيف يستشعر -مَن لديه هذا النهم للشراء والاستهلاك المادي -نفحات شهر رمضان ودلائل الروحانية الجليلة
تراجع
أما سمية العلي ربة منزل فتقول :كنا في البداية نقوم بإعداد ولائم رمضان من كل أصناف الطعام ،فكان هذا يؤثر بشكل كبير على مصروف البيت ،وقد يلقى ثلث الطعام في القمامة، ونظل نأكل بقية العام طعامًا بسيطًا كالجبن والفول ،ولكن بعد هذا قررنا أن نقتصر في طعامنا على صنف أو اثنين كالثريد واللحم ومع الخضار والسلطة والعصير أو الفاكهة والتقليل من الحلويات، وقد وجد الأولاد في البداية صعوبةً في التعوُّد على ذلك ولكن بعد مدةٍ اعتاد الكل على هذا الأمر وأصبح شهر رمضان من أيسر الشهور في العام وأكثرها بركةً.
اقتصاد
حول هذه القضية تقول د. زينب الأشوح أستاذ الاقتصاد :إن رمضان الكريم هو شهر الاقتصاد وليس الإسراف الذي اتبعه الكثير من الناس وصار بدعةً وضد تعاليم ديننا الحنيف الذي يأمرنا بعدم الإسراف، فإذا كان الإنسان يتناول في الأيام العادية ثلاث وجبات فإنه في هذا الشهر الكريم يتناول وجبتَي الإفطار والسحور فقط حتى في تناوله إيَّاهما لا ينبغي أن يُكثر من الأكل والشرب فيهما. وإذا نظرنا إلى حال أمتنا الآن فسوف نأسف للغاية بسبب الإقبال الشديد على الإسراف المادي طوال شهر رمضان الكريم حتى تكاد روحانيةُ هذا الشهر وفضائله الجليلة تتوارَى ولا يشعر بها أحد من هؤلاء المتكدِّسين على أبواب المحالّ التجارية قبيل بداية الشهر الكريم لشراء كل ما تشتهيه أنفسهم ،وأيضًا ما لا يحتاجون إليه، وعلينا ألا ننسى الحكمة من الصوم وهي التقوى والتقرب إلى الله عز وجل وقد أثبتت الدراسات الأجنبية فوائد الصوم الإسلامي من كونه مطهرًا للجسم مرةً كل عام.
ميزانية
وتشير الدكتورة زينب إلى بعض الوسائل العملية التي قد تنفع الناس في ضبط ميزانية شهر رمضان وعدم الإسراف فيها ،وأيضًا تعمل على تأليف القلوب وتقارب الناس مع بعضهم البعض وهو تبادل الإفطار كل يوم عند أحد الأهل أو الجيران أو الأصدقاء، فلا ينبغي أن نكثر من الأصناف ونعدّ الولائم ،بل لا بد من توصيل المعنى والغاية من صوم هذا الشهر لا بد من التوازن في كل شيء حتى نشعر بخير الشهور عند الله بدلاً من ضياع الوقت فيه سواءٌ بالتفكير في الأكل والشرب واللبس والإنفاق أن نكثر من الصلاة، وختم القرآن وزيادة الخيرات وازدياد معدل الإنتاج وتنظيم الوقت وصلة الرحم وحسن الخلق مع الناس جميعًا «إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق». فعلينا أن نستغلَّ كل لحظة في هذا الشهر الكريم ونعود لمقاطعة كل ما لا يمتّ لتعاليم ديننا الحنيف بصلة .
عادات
وتعلق الدكتور سمية رمضان على هذا الموضوع بقولها: انتشرت في مجتمعاتنا المسلمة هذه العادات المتوارثة ونودّ هنا أن نبعث لإخوتنا في كل مكان رسالةً ولا نقول لهم لا تأكلوا ،ولكن كلوا واشربوا بدون إسراف ويا حبذا لو غلَّفوا الطعام المتبقي ووزَّعوه على الفقراء.فرغم أن شهر رمضان يجب التقليل فيه من طيبات الحياة الدنيا كي يشعر المرء بحلاوة الطاعة ويقدر على القيام بالعبادة كما شرعها الله عز وجل ولا يثقل جسده بالكثير من الطعام والشراب حتى لا يتكاسل عن الطاعة. ومن المهم والضروري أن نتبع سنة حبيبنا المصطفى- صلى الله عليه وسلم- ومن ثم لا يضيع الوقت الثمين للشهر الكريم في إعداد الطعام والوقوف في المطبخ من بداية الشهر لآخره، ومن ثم لا تجد الزوجة وقتًا للطاعة والعبادة ،وما أكثرها وأعظم أجرها خاصةً في هذه الأيام المباركة فالإفطار لا يعني الإكثار من الطعام بل يكفي أن نلتقي مع الأهل والأقارب والأصدقاء.فالمرأة التي تظل طوال العام تعمل ويأتي شهر رمضان ويزيد الدوران، فالمرأة التي تعطي وقتها وحياتها وصحتها وجهدها للبيت والزوج والأبناء آن الأوان أن تعطي لنفسها الحق في التقرب إلى الله عز وجل وتخطط لوقتها وعملها في هذا الشهر الكريم.وتضيف بأن على الأزواج أن يعينوا زوجاتهم على ذلك وألا يثقلوا عليهن في طلبات المنزل وإعداد الطعام وولائم الإفطار حتى يجدن الوقت والجهد للطاعة والعبادة.