تجارب من دفتر أحوال «البراعم»
احمد الشمر_ سيهات
الأطفال يتعودون على الصوم مبكرا
كالطائر في صمت يرقب أمه فيتعلم فنون الطير منها يرقبنا بشغف أطفالنا رغبةً في التقليد ربما أو معرفة أسباب صيامنا صاح أطفالنا نريد الصيام بعدما طرق رمضان أبوابَ بيوتِنا طرقها حاملاً معه تربيةً لنفوسنا ولأطفالنا ولكن كيف نربِّي أبناءنا على الصيام؟ أمِن الطعام والشراب فقط نُبعدهم أم نستغلّ الفرصة لنقوِّم أخلاقهم ونبذرَ بذورَ العقيدة في قلوبهم متى وكيف نبدأ..
انتظار
وتروى أم عبد الرحمن تجربتها بقولها كنت أصطحبه معي إلى صلاة التراويح وأحرص على قراءة وردي أمامه كذلك أذكار الصباح والمساء وأجتهد في إشعاره بالجوّ الإيماني الجميل حتى شبَّ على هذا الشهر وانتظاره كل عام ولقد كنت أصوّر له أنه ضيفٌ يأتي لزيارتنا معه هدايا جميلة وحلوى وفي بداية إدراكه من أول عامين كنت أُحضِر له حلوى وهدايا فعلاً وتدرَّج الأمر معه خطوةً خطوةً لمعرفة قيمة هداياه الربانية.
حفلة
وفي منزل أم يوسف حفلة صغيرة لاستقبال الشهر الكريم عبارة عن اجتماع للعائلة تقدَّم فيها هدية لمن صام رمضان الماضي ومن ينوي صيامه هذا العام دون طلب من أمه ومن منطلق رغبته فقط ويتم توضيح كمّ الثواب العظيم الذي هو أفضل من أي هدايا مادية. الرغبة الداخلية هي التي تدفع رقيَّة على الموافقة على صيام أبنائها وطلبوا ذلك منها بإلحاح وبعد استشعار حرص الطفل على الصيام وبعدما توضّح له من أن يجب عليه الامتناع عن الطعام تمامًا فيوافق وتوافق هي أيضًا على صيامه.
توجيه
تشاركها في الرأي وفاء التي تؤكد ضرورة عدم توجيه الأم أو طلبها من طفلها الصيام لأنه إذا استشعر أن هذا فرض فمن المحتمل أن يدَّعِيَ صومه وهو غير ذلك كما تحكي عن تجربتها مع أبنائها، قائلةً كان مُنى أحدهم أن يصوم أو يخبرني أنه صائم فأقول له صُمْ هذا الشهر حتى صلاة الظهر فقط أو يومًا في كل أسبوع حتى صلاة المغرب كنوع من التدريب حتى إذا ما وصل للعام القادم كان أقدر على صيام الشهر كاملاً.
الحاح
وتذكر أم الزهراء تجربة جميلة مع أطفالها فإذا ما طلب أحدهم الصيام امتنعت عن الموافقة حتى يزداد شوقًا ويلحّ في الطلب فتوافق بشروط مثلاً إذا أردت أن تصوم غدًا حتى صلاة الظهر لا بد من صلاة الفجر وفي اليوم الآخر يصليه في المسجد لكي يصوم حتى العصر وبذلك يتزامن الصوم مع الصلاة حتى لا يكون الصيام مجرد رغبة في التقليد. وكما كرمت الأم أبناءها لصيامهم الشهر الكريم أكدت سارة على ضرورة تحفيظ أبنائها والإشادة بهم أمام الأقارب ليُشيدوا بقيمة ما فعلوه وجماله في النفوس فيكون امتناعهم عن الطعام سببًا في متعة أخرى وهي التشجيع والتقدير.
السحور واشتماله على العناصر المفيدة من أهم الأشياء التي تساعد عزة على أبنائها لمواصلة الصيام والحفاظ على صحتهم ونشاطهم في مدرستهم ودراستهم حتى لا يكون صيامهم دافعًا للكسل والخمول..
تشجيع
أبدت هدى موقفها ككثير من الأمهات لكنها أضافت ضرورة عدم وضع الحلويات والطعام المفضَّل للطفل أمامه قبل الإفطار حتى لا تضعف عزيمته بينما رأت هبة ضرورة سؤال الأم طفلها على ماذا تريد أن تفطر اليوم والحرص على إعداد ما يطلبه لتكون مكافأةً على صيامه، وأشارت إلى وسيلة أخرى يقطع الطفل ورقة ويكتب في كل ورقة طاعة أو عبادة أو استغفارا، يقوم به الطفل بعد قطع الورقة ومكتوب عليها كمّ الحسنات المنتظرة والهدية المجانية وهي الدعوة المجابة وتذكيره بدعاء يدعوه وتساعده على اغتنام وقته واحتساب جوعه وعطشه ويتهاون لديه الوقت المتبقي.
معنى
وأدركت سمية أن من حِكَم الصيام الإحساس بالفقراء هذا الأمر وحرصت على توصيل هذا المعنى لطفلها الجائع فيرفق بالفقير ويشكر ربه على نعمة الغذاء ويتعلم الصبر وتقول إن من أجمل المواقف التي مرَّت بها عندما فعلت ذلك لطفلها الصغير فوجئت بعد صلاة المغرب يأخذ طبقه ويستأذن قليلاً ويعطيه للحارس وأبنائه ويفطر يومها على فول وخبز فكان هذا الموقف دافعًا لها أن تعطي الحارس إفطارا باقي رمضان.
عادات
وتحرص منة الله على إكساب طفلها سنن الصيام كالإفطار على تمر وماء ثم الصلاة وبعد ذلك تناول الإفطار لأن الأم إذا تهاونت في هذا الأمر أو برَّرت بذلك بأنه طفل وجائع اكتسب طفلها هذه العادة طيلة حياته وذلك بخلاف الأضرار الصحية على المعدة والجهاز الهضمي. وساعدها في هذا الأمر كثيرًا زوجها الذي أوضح لأطفالها من خلال جلسة عائلية انعكاس هذه السنن على صحة الجسم ومدى رحمة المولى بعباده وأشار إلى فوائد الصيام الصحية التي اكتشفها الغرب وأكدوا لنا مدى عظمة الإسلام.
اختلاف
الدكتور شحاتة محروس أستاذ علم النفس يؤكد أن هذا الأمر يختلف من طفل إلى طفل فقد يستطيع ذو الخمسة أعوام أن يكمل اليوم بينما لا يستطيع صاحب السبعة أعوام ذلك، فيكون هذا الأمر متفاوتًا حسب قدرة كل طفل لكن ليس بعد السابعة كالصلاة حتى يتدرَّب على الصيام جيدًا قبل البلوغ. ويؤكد الدكتور شحاتة ضرورة أن تكون الرغبة من داخله، أما إذا لم يَطلب فلنقترح عليه في السابعة حتى يمارس الأمر بعد العاشرة ويكون بالتدرّج بأن يستطيع صيام يوم كامل أو حتى الظهر لبعض ساعات ثم تكثر كل يوم أو تدريبهم قبل رمضان كل هذه أمور ضرورية مع توضيح سبب الصيام لأطفالنا وترغيبهم فيه. ولا يمانع من إعطاء هدايا والإشادة بالطفل الصائم لتحبّب فيه ولكن يكون ذلك بنسبة بسيطة ويوضح الأصل في إرضاء المولى عز وجل حتى لا يضطر الطفل يومًا للكذب على أمه لعدم إدراكه لمن يصوم لأمه أم لربه وفي حالة هذا الكذب لا تواجهه أمه بخطئه وأنه مفطر ويكذب عليها والواجب عليها الإشارة إلى عواقب هذه السلوكيات السيئة من خلال حكايات عن هذا المعنى. مشيرا الى ضرورة اتباع نظام غذائي للطفل حتى لا يكون الصيام مضرًّا له كما أكد على ضرورة منع الطفل من الصيام في حالة الإعياء أو الإصابة بالنزلات المعوية والأنيميا الحادَّة والأمراض الأخرى.
وأشار إلى النموذج كالآتي وجبة الإفطار يجب أن تكون خفيفة وسهلة الهضم، خاصةً أن الجسم يكون في حالة إعياء ويعاني من الجفاف؛ ولذلك يفضَّل أن يحتوي على نسبة عالية من السوائل فيبدأ بالتمر الذي يحتوي على سكريات سهلة الهضم ثم الشوربة ويفضل أن يحتوي الطعام على طبق خضار وطبق كربوهيدرات إلى جانب البروتين ويجب على الأم تجنُّب تقديم أطباق ذات كميات كبيرة حتى لا يصاب الطفل بالكسل.
كما ينصح بتجنُّب الأطعمة الدسمة والمقلية لأنها صعبة الهضم وبالتالي تحتاج وقتًا وطاقةً مما يؤدي إلى شعور الطفل بالتعاسة وبالتالي لا يقوى على المذاكرة وبعد الإفطار بـ4: 6 ساعات يمكن أن تكون هناك وجبة صغيرة فيها أطعمة رمضان الشهية كالكنافة والقطايف حيث يكون الجسم متقبِّلاً للطعام ولن يكون في حالة جوع فبالتالي سيأكل ببطء وكمية أقل.
أما عن وجبة السحور فهي مهمة جدًّا ولا بد أن تحتوي على بيض أو فول وكذلك خبز، أما التمر والفواكه فهي تساعد على النشاط لما فيها من طاقة مركزة وشرب كمية كافية من السوائل. ولنحرص جميعًا على مقوِّمات الزرع الصالحة لتنموَ البذرة وتكبر كأجمل شجرة في الكون تثمر ثمارًا جميلةً تخرج هذه الأمة من الظلام إلى النور.