اليوم
يومنا الوطني.. ذكرى لا تغيب أبداً
في مثل هذا اليوم الأغر من كل عام، تحتفي المملكة وطنا ومواطنين، بأغلى المناسبات، وتعود الذاكرة إلى حيث استجيب النداء الخالد بالتوحيد، توحيد الوطن المترامي الأطراف، وتوحيد القلوب المتصارعة، وتوحيد العقول التي طالما تشرذمت واختلفت.
في مثل هذا اليوم قبل سبعة وسبعين عاما أعلن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بعد جهاد طويل توحيد أجزاء البلاد وضمها داخل كيان سياسي واحد، لتقوم منذ ذلك التاريخ نشأة الكيان السعودي الحديث، والذي أعقبته نهضة شاملة في كل مجال وميدان بدأها المؤسس بوضع لبناتها الأولى ثم جاء أشباله الميامين من بعده لإكمال رسالته النهضوية الكبرى حتى غدت المملكة اليوم مضرب الأمثال بين الأمم والشعوب سواء في إعجاز التوحيد أو إنجاز البناء والأخذ بكل مستجدات ومتغيرات ومعطيات العصر مع التمسك بالنواجذ بمبادئ وتعاليم العقيدة الإسلامية السمحة،
منذ ذلك التاريخ، والمملكة تتجاوز الصعاب وتقفز فوق العقبات بعزم قيادة آمنت بربها وتمسكت بنبيها، ووهبت نفسها خادمة لبيوت الله، ونشر تعاليم الإسلام الحقة، في وقت اختلطت فيه الأمور، وتعقدت المصالح وتشابكت.. ورغم كل ذلك فقد بقيت التجربة السعودية حركة مضيئة وسط بقية التجارب الأخرى التي سرعان ما تآكلت أو اندثرت بفعل الترهل السياسي أو العقائدي أو الاجتماعي.. بعد 77 عاماً، تظل تجربة التوحيد السعودية التي قادها الملك عبد العزيز كواحدة من المعجزات الجغرافية والسياسية الكبرى التي حفل بها تاريخ البشرية متعدد الأهواء والتيارات والاتجاهات الفكرية، التي فشلت في أن تقف على قدمين ثابتتين، مقارنة بقسوة الوضع الطبيعي وقلة الموارد اللتين كانتا طرق التحدي الرئيس أمام التجربة الناشئة والصامدة.
إننا ونحن نحتفل بهذه الذكرى العطرة، نستذكر بكل خشوع وإجلال عمق المسيرة، ولا يجب أن ننظر للمناسبة كحدث مجرد، أو مجرد تاريخ، إن المواطنة الحقيقية هي تلك التي تستلهم فجر التاريخ المشرق من ماضيها لتستطيع أن ترفع الأوطان رؤوسها انطلاقاً من ثبات أقدامها، لا يكفي أن نعود للوراء، ولا أن ننظر إلى أسفل.. الأجدر أن نغرس في وجداننا المعنى والقيمة.. وهنا تكمن روعة الاحتفالية للوطن وللمواطن.