كيفية دفن امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام وموضع قب

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبيينا محمد واله الطيبين الطاهرين واصحابه الاخيار المنتجبين ومن تبعهم باحسان الى قيام يوم الدين اخوة الايمان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سأل احد الاخوة المشاهدين عن كيفية دفن امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام وموضع قبره الشريف. وفي الجواب نقول اتفقت الشيعة اجماعاً سلفاً وخلفاً ونقلاً عن ائمتهم عليه السلام انه صلوات الله وسلامه عليه لم يدفن الا في الغري في النجف الاشرف في الموضع المعروف والمشهور الان والاخبار في ذلك متواترة متضافرة وقد كتب السيد ابن طاووس في ذلك كتاباً سماه فرحة الغري ناقلاً في ذلك كثيراً من الاخبار والروايات، وانما اقتصر دفنه على اولاده وخواص شيعته بأمر منه باخفاء قبره لسبق علمه بظهور دولة بني امية وعداوتهم له الى ان اظهر القبر الشريف الامام الصادق عليه السلام في زمن دولة العباسيين ثم ان محمد بن زيد الحسني أمر بعمارته مع الحائر الحسيني بكربلاء والبناء عليهما ثم زيد فيما بعد ذلك عمارات شتى. وسننقل طائفة من الاخبار في ذلك، فقد ذكر الامام الصادق عليه السلام انه لما اصيب امير المؤمنين قال للحسن والحسين (ع)

غسلاني وكفناني وحنطاني واحملاني على سريري واحملا مؤخره تكفيان مقدمه وفي رواية عن الكليني قال الصادق عليه السلام لما غسل امير المؤمنين نودوا من جانب البيت إن اخذتم مقدم السرير كفيتم مؤخره وإن أخذتم مؤخره كفيتم مقدمه فانكما تنتهيان الى قبر محفور ولحد ملحود ولبن محفوظ فالحداني واشرجا علي اللبن، وارفعا لبنة مما عند راسي الى اخر الحديث... ويبدو ان الامامين الحسنين (ع) كانا قد موها على عامة الناس فقد روى الامام الصادق عليه السلام ان الامام علياً عليه السلام امر ابنه الحسن ان يحفر له اربع قبور في اربع مواضع في المسجد وفي الرحبة وفي الغري وفي دار جعدة بن هبيرة وانما اراد بهذا ان لا يعلم احد من اعدائه موضع قبره. ومما يدل على حضور الجنازة من قبل جمع من خواص الشيعة ما رواه محمد بن علي المعروف بابن الحنفية من ان امير المؤمنين لما الحد في قبره وقف صعصعة بن صوحان العبدي رضوان الله عليه على القبر ووضع احدى يديه على فؤاده والاخرى قد اخذ بها التراب يضرب به راسه ثم خطب خطبة طويلة نقلها الرواة ثم بكى بكاء شديداً وابكى كل من كان معه وعدلوا الى الحسن والحسين ومحمد بن جعفر والعباس ويحيى وعون وعبد الله (اي اولاده) فعزوهم في ابيهم صلوات الله عليه وانصرف الناس ورجع اولاد امير المؤمنين وشيعتهم الى الكوفة ولم يشعر بهم احد من الناس فلما طلع الصباح وبزغت الشمس اخرجوا تابوتاً من دار امير المؤمنين (ع) أتوا به الى المصلى بظاهر الكوفة ثم تقدم الحسن (ع) وصلى عليه ورفعه على ناقة وسيرها مع بعض العبيد. وروى حسان بن علي القسري قال حدثنا مولى لعلي بن ابي طالب عليه السلام قال: لما حضرت امير المؤمنين الوفاة قال للحسن والحسين(ع): اذا انامت فاحملاني على سرير ثم اخرجاني واحملا مؤخر السرير فانكما تكفيان مقدمه ثم إتيا بي الغريين فانكما ستريان صخرة بيضاء فاحتفرا فيها فانكما ستجدان فيها ساحة فادفناني فيها فلمامات أخرجناه وجعلنا نحمل مؤخر السرير ونكفى مقدمه وجعلنا نسمع دوياً وحفيفا حتى اتينا الغريين فاذا صخرة بيضاء تلمع نوراً فاحتفرنا فاذا ساجه مكتوب عليها هذا ما ادخر نوح عليه السلام لعلي بن ابي طالب فدفناه فيها وانصرفنا ونحن مسرورون باكرام الله تعالى لامير المؤمنين فلحقنا قوم من الشيعة لم يشهدوا الصلاة عليه فاخبرناهم بما جرى وباكرام الله تعالى امير المؤمنين (ع) فقالوا: نحب ان نعاين من امره ما عاينتم فقلنا لهم ان الموضع قد عفي اثره بوصية منه. وروى السيد ابن طاووس عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال: قال ابو بكر بن عياش: سالت ابا حصين وعاصم بن بهدلة والاعمش وغيرهم فقلت: اخبركم احد انه صلى على علي وشهد دفنه فقالوا لي: قد سألنا اباك محمد بن سائب الكلبي فقال اخرج به ليلاً خرج به الحسن والحسين وابن الحنفية وعبد الله بن جعفر في عدة من اهل بيته ودفن ليلاً في ذلك الظهر ظهر الكوفة قال: قلت لابيك: لمَ فُعل به ذلك قال: مخافة الخوارج وغيرهم. وروى زيد بن علي الشيهد عن ابيه عن جده الحسين (ع) في خبر طويل يذكر فيه: اوصيكما وصية فلا تظهرا على امري احداً فامرهما ان يستخرجا من الزاوية اليمنى لوحاً وان يكفناه فيما يجدان فاذا غسلاه وضعاه على ذلك اللوح واذا وجدا السرير يُشال مقدمه يشيلان مؤخره وان يصلي الحسن مرة والحسين مرة صلاة امام ففعلا كما رسم فوجدا اللوح وعليه مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما ذخره نوح النبي صلى الله عليه لعلي بن ابي طالب (ع) وأصابا الكفن في دهليز الدار موضوعاً فيه حنوط قد أضاء نوره النهار. وكان الائمة عليهم السلام يدلون على قبره الشريف خواص شيعتهم حتى زمن الامام الصادق عليه السلام اي بعد ان امنوا الاموييين والمروانيين والخوارج من ان ينبشوه كما فعلوه بقبر زيد بن علي وولده يحي بن زيد. فمثلاً نجد ابا حمزة الثمالي الذي كان من زهاد الكوفة وعبادها ومشايخها يروي انه شاهدا رجلاً في مسجد الكوفة صلى ركعتين يقول ابو حمزة فما سمعت اطيب من لهجته فدنوت لاسمع ما يقول فسمعته يقول الهي ان كان قد عصيتك فاني قد اطعتك في احب الاشياء اليك الاقرار بوحدانيتك مناً منك علي لامناً مني عليك والدعاء معروف ثم نهض قال ابو حمزة فتبعته الى مناخ الكوفة فوجدت عبداً اسود معه نجيب وناقة فقلت يا اسود من الرجل فقال: او تخفى عليك شمائله هوعلي بن الحسين قال ابو حمزة فاكببت على قدميه اقبلهما فرفع راسي بيده فقلت بابن رسول الله ما اقدمك الينا؟ قال ما رايت (اي الصلاة في مسجد الكوفة) ولو علم الناس ما فيه من الفضل لأتوه ولوحبواً هل لك ان تزور معي قبر جدي علي بن ابي طالب؟ قلت اجل فسرت في ظل ناقته يحدثني حتى اتينا الغريين وهي بقعة بيضاء تلمع نوراً فنزل عن ناقته ومرّغ خديه وقال ابا حمزة هذا قبر جدي علي بن ابي طالب (ع) ثم زاره بزيارة اولها السلام على اسم الله الرضي ونور وجهه المضيء ثم ودعه ومضى الى المدينة ورجعت انا الى الكوفة ثم اخبر الامام الصادق (ع) كثيراً من الناس بموضع القبر الشريف ومن ذلك ما رواه صفوان الجمال انه قال خرجت مع الصادق عليه السلام من المدينة اريد الكوفة فلما جزنا بالحيرة قال: يا صفوان قلت لبيك يا بن رسول الله قال: تخرج المطايا الى القائم وحد الطريق إلى الغري قال صفوان فلما صرنا إلى قائم الغري أخرج رشاء معه دقيقاً قد عمل من الكنبار ثم ابعد من القائم مغرباً خطاً كثيرة ثم مد ذلك الرشاء حتى انتهى الى آخره ثم ضرب بيده الى الارض فأخرج منها كفا من تراب فشمه ملياً اقبل يمشي حتى وقف على موضع القبر الان ثم ضرب بيده المباركة الى التربة فقبض منها قبضة ثم شمها ثم شهق شهقة حتى ظننت انه فارق الدنيا فلما افاق قال: ههنا والله مشهد امير المؤمنين ثم خط تخطيطا فقلت يا بن رسول الله ما منع الابرار من اهل البيت (ع) من اظهار مشهده قال: حذراً من بني مروان والخوارج ان تحتال في اذاه قال صفوان فسألت الصادق عليه السلام كيف تزور امير المؤمنين فعلمه الزيارة وساق الرواية كاملة. وعن ابان بن تغلب في رواية طويلة قال كنت مع ابي عبد الله عليه السلام فنزل فصلى ركعتين ثم قال هذا موضع قبر امير المؤمنين. ايها الاخوة المؤمنون مما لا شك فيه ان ابناء الناس اعلم بقبور ابائهم من غيرهم ممن هو اجنبي عنهم وهذا القبر الموجود الان في النجف الاشرف هو الذي كان بنو علي عليه السلام يدلون عليه ويزرونه قديماً وحديثاً ويقولون هذا قبر ابينا ولا يشك احد من الشيعة ولا من غيرهم من سلالة علي المتقدمين والمتأخرين ما زاروا ولاوقفوا الا على هذا القبر بعينه وروى في الصحيح عن الحسن بن علي الحلال عن جده قال: قلت للحسين بن علي عليه السلام اين دفتهم امير المؤمنين قال خرجنا به الى الظهر بجنب الغري وهي رواية واضحة صريحة بكون مرقده في الغري في النجف الاشرف بظهر الكوفة في الموضع المعروف. وقد روى ابو الفرج علي بن عبد الرحمن الجوزي عن ابن الغنائم قال مات بالكوفة ثلاثمائة صحابي ليس قبر احد منهم معروفاً الا قبر امير المؤمنين (ع) وهو القبر الذي تزوره الناس الان جاء جعفر بن محمد وابوه محمد بن علي بن الحسين (ع) فزاراه ولم يكن اذ ذاك قبر ظاهر انما كان به شيوع ايضاً حتى جاء محمد بن زيد الداعي صاحب الديلم فاظهر القبة. ايها الاخوة المؤمنون لقد نسج البعض من خيالهم اساطير كثيرة حول مكان دفن الامام علي عليه السلام منها ما وجد في بعض الكتب ولا يعلم سند له انه في عهد الامام الصادق عليه السلام في اوائل الحكم العباسي كان هناك مؤامرة لتخريب قبرالامام عليه (ع) واخراج جسده الشريف فأمر الامام ابا مسلم الخرساني بنقل جثمان الامام علي(ع) الى مكان آمن بعيداً عن متناول يد العباسيين فكلف أبو مسلم عشرة من امراء جيشه بنقل الجثمان الى بلـْخ حيث كثافة الشيعة والموالين لاهل البيت ودفنه في قرية مجاوة تحولت الى مدينة كبيرة اخذت اسم مزار الشريف وهي الان في افغانستان. وواضح سخف هذه الاسطورة التي تدل بنفسها على تهافتها اذ ان الامام الصادق (ع) كان ابعد الناس عن ابي مسلم الخراساني الذي كتب اليه في احدى المرات قائلاً: اني دعوت الناس الى موالاة اهل البيت فإن رغبت فانا ابايعك فاجابه الامام (ع) اما انت فلست من رجالي ولا الزمان زماني وفي رواية اخرى ان الامام اجابه ليس لكتابك جواب اخرج عنا. ومعروفة افعال ابي مسلم وتنكيله بالعلويين فكيف يكون موضع ثقة الامام علي عليه السلام في امر خطير كهذا. لكن الذي يوجب الحيرة ان هناك قبر مبني في مدينة مزار الشريف باسم الامام علي بن ابي طالب (ع) فما هي حقيقته يا ترى؟؟؟ الواقع ان الاستاذ عبد الحسين الصالحي ينقل قول ابن عنبة النسابة المعروف صاحب كتاب عمدة الطالب وهو المتوفى سنة 838هـ. في كتاب انساب آل ابي طالب المكتوب باللغة الفارسية انه دخل المزار المعروف ببلخ بعنوان مزار علي بن ابي طالب وقرأ على الصخرة فوق القبر تحت الصندوق في الروضة الشريفة ما نصه: هذا قبر امير المؤمنين ابي الحسن علي بن ابي طالب بن عبيد الله بن علي بن الحسن بن الحسين بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين الاصغر بن علي السجاد بن الحسين السبط عليه السلام. فيعلم من ذلك ان القبر لاحد بني الحسين(ع) ممن ملكوا تلك البقاع وكانوا امراء في بلخ والاشتراك في اللقب والكنية والاسم واسم الاب هو الذي اوجب الالتباس والاشتباه على عوام الناس كما صرّح ابن عنبة نفسه في كتابه الفصول الفخرية وهو كتاب بالفارسية ايضاً: ما نصه: ان جملة من بني الحسين الذين كانوا امراء ونقباء وملوك في بلخ ومنهم المدفونون في قرية خيران من ضواحي بلخ والمعروف حالياً بالمزار الشريف والذي ينسب قبره الى الامام علي (ع) وكان عالماً فاضلاً نقيب العلويين في بلخ ويسمى ابو الحسن علي بن ابي طالب بن عبيد الله. وقد اكد النسابة السيد عبد الرزاق كمونه النجفي في كتابه موارد الاتحاف في معرفة الاشراف في ذكر نقباء مدينة بلخ وبعد ان ساق نسب السيد علي بن ابي طالب الممتد الى الحسين بن علي بن الحسين الشهيد (ع) قال: وهو صاحب المزار المشهور بقبر علي بن ابي طالب هناك.. اما الاستاذ الصالحي فيسرد تعلقياً نصه: ان قرية خيران الواقعة في ضواحي مدينة بلخ من املاك هذا السيد الجليل العظيم الشأن العالم الفاضل نقيب النقباء في بلخ وبعد وفاته دفن بها وكتب لقبه وكنيته واسمه ونسبه المشهابة كلها كما هو معروف عن علي بن ابي طالب على الصخرة التي وضعت على قبره وظلت مقبرته مقصداً للزائرين والوافدين ومع مرور الزمن اشتبه الامر على الاجيال واخذ البعض ينسج تلك الاساطير مثل نقل رفات الامام علي عليه السلام بواسطة ابي مسلم الخراساني من النجف الاشرف الى بلخ.
منقوووووووول