السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
حتماً لبعض العادات تفسيرات كثيرة قد لاتمر ببال من يمارسها..، كذلك لبعض الأمراض مدلولات نفسية عميقة قد لاينتبه لها ..في هذا الموضوع سنحاول أقتطاف بعض العادات والتعليق عليها..
-كل تطرُّف أو غلوٍّ يشير إلى وجود مشكلة ما. فكل من الخجول والدَّعِي يفتقد إلى الثقة بالنفس، وكل من الجبان والجَّسور يساورُه الخوف. فإذا كان موضوعٌ ما بارزًا ومشددًا بشكل من الأشكال فهو يشير إلى ناحية إشكالية ما تزال عالقة.
-كل قمع لصراع داخليٍّ إنْ هو إلا هجوم أو اعتداء على ديناميَّة الحياة في حدِّ ذاتها.
-يرمز الخوف من الأشواك إلى العدوان. أما الخوف من النوى فيدل على الخوف من مواجهة المشكلات.
-الطبع ليس موروثًا ولا مطبوعًا بطابع البيئة المحيطة، بل هو شأن مصاحب؛ إنه تعبير عن الوعي الذي يتجسد.
-كل توقف في الطريق يجعل المرء مدمنًا. وسائر خبرات الحياة تجعل المرء مدمنًا إنْ هو استنكف عن سبر غورها وكشف سرَّها. الإدمان هو الجبن عن خوض غمار التجارب الجديدة.
-يُظهِر قصرُ البصر على المستوى الجسمي الذاتية الشديدة. بيد أن غايته معرفة الذات: فالمعرفة الحقيقية للذات تُخرِجنا حتمًا من الذاتية الخاصة. فما الذي لا يريد المرءُ أن يراه؟ الجواب دومًا هو: ذاته نفسها!
-القدرة على السمع تعبير جسمي عن الطاعة والخضوع: الأصم أو ضعيف السمع لا يريد الطاعة. وعندما لا يعود المرء يسمح لشيء بالدخول فهذا دليل على شيء من الأنانية. لذلك فإن أكثر التهابات الأذن وآلامها عند الأطفال تحدث في السن الذي يجب على الأطفال فيها تعلُّم الطاعة. والمسن غالبًا ما يفقد المرونة والقدرة على التكيف ويتناقص استعدادُه للطاعة باستمرار. ومَن يعاني من مشكلات سمعية عليه أن يطرح على نفسه الأسئلة التالية: لماذا أنا غير مستعد للإصغاء إلى أحدهم؟ مَن الذي وما الذي لا أريد أن أطيعه؟ هل ثمة توازُن عندي بين القطبين: الأنانية والخضوع؟
-النوم المديد ( الطويل): يستدعي هذا العَرَض طرحَ أسئلة من نوع: هل أهرب من الفاعلية والمسؤولية وسيرورة الوعي؟ هل أعيش في عوالم الحلم وأخشى الاستيقاظ والصحو في أرض الواقع؟
-الأحساس بالحساسية (الوسواسية): لا يمكن للمصاب بالحساسية Allergy أن يجد الشفاء إلا إذا تعلَّم الحوار واعيًا مع المجالات التي يتجنبها عادةً ويصدها، حتى يستطيع السماح لها بالدخول إلى وعيه وتمثُّلها كليًّا. على المريض أن يتصالح مع أعدائه ويتعلم محبتهم. موقف مريض الحساسية معادٍ للحياة؛ مُثُله العليا هي التعقيم والتطهير والخلو من الجراثيم والحياة المتحررة من الغرائز والعدوان. والحساسية، بهذه المثابة، عدوان استحال ماديًّا.من هنا ينبغي على المصاب أن يطرح على نفسه الأسئلة التالية: لماذا لا أحتمل عدواني في وعيي فأرغمه على الانتقال إلى جسمي؟ ما هي المجالات الحياتية التي أخشاها حتى التجنب؟ ما هي المواضيع التي تشير إليها مولِّدات الحساسية عندي؟ هل هي الجنس، الغريزة، العدوان، التناسل، القذارة (بمعنى الحياة المظلمة)؟ إلى أيِّ حدٍّ أقوم بتوظيف حساسيتي بغرض التأثير على محيطي والتلاعب به؟ ماذا عن الحبِّ لديَّ وعن قدرتي على السماح له بالدخول؟
-للتدخين صلة وثيقة بالطرق التنفسية والرئتين، حيث له، قبل كلِّ شيء، علاقة بالاتصال والتواصل والحرية. فهو عبارة عن محاولة لتنشيط هذه المجالات وإشباعها..
-فرط السرعة الذي يقود إلى حادث ما هو إلا دعوة إلى مراجعة كلِّ تسرع أو عجلة في الحياة، وذلك ليتم خفض السرعة في الوقت المناسب. من هنا ينبغي على المرء مراجعة مناورات التسابق والتجاوز في حياته كافة. أما مَن ينام على المقود فعليه، بأسرع وقت ممكن، أن يصحو في حياته أيضًا قبل أن يتم إيقاظه إيقاظًا أكثر فظاظة!
-قضم الأظافر هو بمثابة كبح للعدوان الذاتي: مَن يقضم أظافره لديه خوف من عدوانه؛ لذلك يحاول إضعاف "أسلحته" وتقليم حدَّتها رمزيًّا بـ"قضم" عدوانه الذاتي. وإذا ظهر قضم الأظافر عند الأطفال فهذا يعني أن الطفل يمر في مرحلة لا يجرؤ فيها على تحويل عدوانه نحو الخارج. وعليه، ينبغي علينا أن نسعى إلى توفير مجال حيويٍّ للطفل يجد فيه الشجاعة على تحويل عدوانه دون إحساس بالذنب. وعندما يتعلم الطفل الدفاع عن نفسه بدلاً من احترام مخاوف الأهل يكون قضم الأظافر لديه في حُكم المنتهي.
-الأشخاص الذين يفكِّرون كثيرًا وينشطون ذهنيًّا يتوقون إلى الغذاء المالح والأطعمة الحارة. المحافظون يفضلون الأطعمة المعلَّبة المحفوظة والمدخَّنة ويشربون الشاي ثقيلاً ومرًّا. أما الأشخاص الذين يفضلون الطعام الشديد التتبيل فيعلنون أنهم يبحثون عن إثارات جديدة وانطباعات جديدة؛ إنهم يحبون التحديات حتى عندما تكون صعبة الاحتمال وصعبة الهضم. وأما الأشخاص الذين يتبنون حمية غذائية خالية من الملح والتوابل فيحمون أنفسهم من الانطباعات الجديدة، ويتحاشون التحديات خوفًا، ويخشون كلَّ مجابهة.
-إذا كان لدى المرء جوعٌ إلى الحب، ولم يتم إسكات هذا الجوع إسكاتًا مناسبًا، فإنه يعود إلى الظهور في الجسم كجوع إلى الحلوى. إن النهم والشراهة إلى الحلوى هو غالبًا تعبير عن جوع إلى الحبِّ غير مشبَع.
-غالبية البشر تحاول محاولةً غير مباشرة فرضَ رغباتها السلطوية المكبوتة. ولهذا الغرض يستخدم المرءُ في عصرنا مستويات المرض والضعف الاجتماعي قبل غيرها؛ إذ إن هذه المستويات مضمونة نسبيًّا وفي منأى عن الانكشاف والافتضاح السريع.
أخيراً نختم الموضوع بقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام..
"من تبصر في الفطنة ثبتت له الحكمة و عرف العبرة"
المصدر كتاب الإنسان والمرض..