يا نار كوني برداً وسلاماً )
المنطقة كثيفة الأشجار ، كثيرة الصخور، وعرة المسالك، بعض مرتفعاتها كالجدران صعبة المتعرجات ، أضاف إليها رجال المقاومة دقةً في التمويه وحسن انضباط في التنقل و إخفاء الآثار والنفايات وأماكن التمركز حتى أن زائرهم إذا لم يكن معه مرشد لا يكاد يهتدي إلى أماكنهم ..
ولقد ذهبت محاولات اليهود من أجل تحقيق إصابات في صفوف رجال المقاومة أدراج الرياح ، فلا التقدم على الأرض أجدى نفعاً ولا صبّ أطنان من المتفجرات فوق المنطقة أثّر فيهم .
ولعل اليهود وعملاءهم لا ينامون قلقاً من هؤلاء الساهرين …
حتى تفتّقت أذهانهم عن خطة سوداء تستفيد من نفس الأجمات في المنطقة في القضاء على الأُسُود المتمركزة فيها أو حولها ..
خلال حرب الأيام السبعة ظهر في أجواء منطقة إقليم التفاح طائرات يهودية .. أخذت تلقي المئات من براميل البنزين التي كانت بمجرد اصطدامها بالأرض تفرغ الوقود الحسّاس الملتهب ..
أحصاها الشباب فقدّروها بخمسمائة برميل …
في نفس الوقت كانت القذائف والصواريخ الملتهبة تنصبّ على نفس مناطق نزول براميل البنزين .
كثير من الأشجار ترطبت بالوقود السائل شديد الالتهاب ، وتجمعت كميات من البنزين في غدران مختلفة ..
وسقيت مساحات واسعة من القش اليابس
في حرّ تموز بالسائل الحسّاس ..
لقد كان يمكن أن يؤدي إشعال الأشجار والمنطقة وإحداث حرائق ضخمة تطوّق أسود المقاومة إلى أخطار حقيقية ..
لكن حريقاً ذا قيمة لم يحدث .
لم يلتهب البنزين بالصواريخ والقذائف وبقيت الأشجار تقطر بنزيناً بارداً .. فيما كانت القذائف تنهال على الصخور التي تجمعت في ثناياها بقايا البنزين كالغدران عقيب المطر .
لكن ناراً ما لم تشتعل ..
ووقف الرجال ينتظرون.. انتهت الغارة، وساد الصمت، وهبّت نسيمات باردة تعوّدها الشباب، وكانت الليلة التالية ليلة التندر بالحادث، وإحصاء البراميل التي تمزقت كلها وسقت بوقودها مساحات واسعة من غابات الإقليم..
يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم