السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى اهل بيته الطيببين الطاهرين
المــــوت
ماهو الموت : الموت يعني باختصار خاتمة الحياة الإنسانية أو فقل كما عبّر
عنه رسول الله صلى الله عليه وآله (هادم اللذات) ، والموت مضافاً إلى كونه
أمر حسّي يشعر به المرء عند نزوله إلا أنه سرعان ما تغفل عنه البشرية وهو
الذي لا ينسى من حكمه أحد ، إلا أنه لكل أجل كتاب .
عن النبي صلى الله عليه وآله : من مات على شيء بعثه الله عليه .
وعنه صلى الله عليه وآله : لو أن البهائم يعلمون من الموت ما تعلمون ما أكلتم منها سميناً .
وعنه صلى الله عليه وآله : أكثروا ذكر هادم اللذات ..
فقيل يا رسول الله وما هادم اللذات ؟
قال : الموت ، فإن أكيس المؤمنين أكثرهم ذكراً للموت وأشدهم استعداداً له .
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : عجبت لمن يرى أنه ينقص كل يوم في نفسه وعمره وهو لا يتأهب للموت .
وعنه عليه السلام : نفس المرء خطاه أجله .
وعنه عليه السلام : إن الموت لراحة لمن كان عبد شهوته وأسير أهويته لأنه كلما طالت حياته كثرت سيئاته وعظمت في نفسه جناياته .
وعنه عليه السلام : أشد من الموت ما يتمنى الخلاص منه بالموت .
قيل لمحمد بن علي عليهم السلام : ما الموت ؟
قال : هو النوم الذي يأتيكم في كل ليلة إلا أنه طويل مدته .
قيل للإمام الصادق عليه السلام : صف لنا الموت .
قال عليه السلام : للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينعس لطيبه وينقطع التعب والألم عنه ، وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب .
وعنه عليه السلام : لم يخلق الله عز وجل يقيناً لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت .
وقال النبي صلى الله عليه وآله : تحفة المؤمن الموت .
وجه ذلك : أن المؤمن في دار الدنيا في سجن ، لعنائه برياضة نفسه على ترك
ما تدعوه إليه من الشهوات ، التي قد ألفتها النفس ، باعتبار ملابستها هذا
الجسم ، المتحلل ، المتخلل ، الشديد الحاجة ، وفي بلاء السعي في إصلاحه
وفي عذاب من مدافعة ما يسوس له الشيطان وينصب له من مكائده ، والموت مخلص
لنفسه النورانية من هذه الجثة الظلمانية ، وملحق نفسه برفقائها فتستأنس
بهم .
وإلى ذلك الإشارة في قوله تعالى : (يا أيتها النفس المطمئنة ، ارجعي إلى ربك راضية مرضية ، فأدخلي في عبادي ، وادخلي جنتي)
قيل للنبي صلى الله عليه وآله : من أكيس الناس ؟
فقال صلى الله عليه وآله : أكثر ذكراً للموت ، وأشدهم استعداداً له ، أولئك الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا ، وأكرم الآخرة .
وقال صلى الله عليه وآله : أكثروا ذكر هادم اللذات .
وقال عيسى عليه السلام : كما تنامون كذلك تموتون ، وكما تنتبهون كذلك تبعثون .
وقال بعضهم : عجبت لمن يعرف أن الموت حق كيف يفرح ؟ وعجبت لمن يعرف أن
النار حق ، كيف يفرح ؟ وعجبت لمن يرى تقلب الدنيا بأهلها كيف يطمئن إليها
؟
وحكي : أن بشر من المنصور لما حضرته الوفاة ، فرح .
فقيل له : أتفرح بالموت ؟!
فقال : أتجعلون قدومي على خالق أرجوه ، كمقامي مع مخلوق أخافه ؟
وحكي : أن عمر بن عبد العزيز كان يجمع عنده جماعة ويتذاكرون الموت والقيامة ، فيتباكون حتى كأن بين أيديهم جنازة .
وقال الإمام الحسن عليه السلام : فضح الموت الدنيا ، ما ترك لذي لب فيها فرحاً .
وقال بعضهم : شيئان قطعا عني إرادة الدنيا : ذكر الموت ، والوقوف بين يدي الله عز وجل .
وقال بعضهم : إن بقائك إلى فناء ، وفناءك إلى بقاء ، فخذ من فنائك -الذي لا يبقى - لبقائك .
فاستيقظ أيها الراقد لعمل آخرتك ، واغتنم بقية أجلك بخير عملك ، فإن من قصر أمله ، واستقل أجله ، حسن عمله .
منقول من كتاب رحلة في عالم الموت والبرزخ والآخرة .
نسألكم الدعاء