بحث حول الرؤيا وحجيتها
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
بعد ان ابتعدت الامة عن اهل البيت (ع) واخذوا يشككون بما نقل عنهم (ع) قال تعالى {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }الحديد16 مما ادى الى وقوع الامة بالتيه لانهم تركوا ما اوصى به رسول الله (ص) حيث قال (ص) : (اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ..) والامة تعجز عن معرفة كتاب الله فلا سبيل لها الا التمسك بالعترة الطاهرة وبما قالوه واقروه وفعلوه وسوف انقل شئ يسير من اقوالهم وافعالهم واقرارهم الى كل من طلب الحقيقة وغايته رضا الله ورسوله
ذكر ثقة الإسلام الكليني في الكافي عن أبي الحسن الأول (ع) قال أن الأحلام لم تكن فيما مضى في أول الخلق ، وإنما حدثت . فقلت وما العلة في ذلك . فقال إن الله عز ذكره بَعثَ رسولاً إلى أهل زمانه فدعاهم إلى عبادة الله وطاعته . فقالوا: إن فعلنا ذلك فما لنا فوالله ما أنت بأكثرنا مالاً ولا بأعزنا عشيرة . فقال: إن أطعتموني أدخلكم الله الجنة ، وان عصيتموني أدخلكم الله النار . فقالوا: فما الجنة ، وما النار فوصف لهم ذلك . فقالوا متى نصير إلى ذلك فقال: إذا متم .
فقالوا : لقد رأينا أمواتاً صاروا عظاماً ورفاتاً ، فازدادوا له تكذيباً وبه استخفافاً . فاحدث الله بينهم الأحلام ، فأتوه فاخبروه بما رأوا وما أنكروا من ذلك . فقال إن الله عز وجل ذكره أراد أن يحتج عليكم بهذا ، هكذا تكون أرواحكم إذا متم وان بليت أبدانكم ، تصير الأرواح إلى عقاب حتى تبعث الأبدان . قيل أي كما أن في النوم تنام أرواحكم بما لم يظهر أثره على أجسادكم ولا يطّلع من ينظر إليكم عليه ، كذلك نعيم البرزخ وعذابه . الكافي ج8 ص90 .
هكذا بدأت الرؤيا مع بني البشر كما ترويها لنا رواية أهل البيت (ع) وعلة الرؤيا هو ربط الإنسان بعالم الغيب وانتزاعه من عالم المادة وهو عالم الوهم لا الحقيقة والإنسان كلما زادت علائقه بالدنيا وانس بها ازداد بعده عن الآخرة واستوحش منها والرؤيا كما هو واضح من الرواية النافذة التي دلت بنو آدم على الحقيقة ، ولولاها لضلوا سواء السبيل . أذن فالإيمان بالرؤيا يعكس مدى إيمان الإنسان بالعالم الآخر ، وهو بالتالي الإيمان بالله سبحانه وتعالى ، ومن يكفر بالرؤيا فهو كافر بالله بجميع المقاييس العقائدية . ويكون كفره بمقدار إنكاره وكل بحسبه وسواء شعر بذلك أم لم يشعر فلا فرق بين الأمرين …
واقصد بالرؤيا طبعاً الصادقة المؤيدة بقرائن مصداقيتها …
وهنا هو بيت القصيد إذ إن الرؤيا لها فيض واسع جداً . يختلط فيه الصادق بالكاذب ، فإذا ثبت صدقها كانت حجة ملزمة ، هذا بصريح الروايات وإذا لم تكن لم يعتنى بها وبين هذا وذاك ضيع اغلب الناس الرؤيا جملة وتفصيلا وأطلقوا أحكاماً لم ينزل الله بها من سلطان فقالوا (الرؤيا ليست حجة) وتنازل بعضهم قليلاً فقال (الرؤيا حجة على صاحبها مولاي) !!!
وهذا كله كلام غير صحيح وعاري عن الصحة ، وغير موجود في سنة محمد وال محمد (ص) أما الموجود فهو مناقض تماماً لما يدعون وهذا ما سوف استعرضه في هذا البحث المتواضع لتكون الناس على بينة والله ولي التوفيق والحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً مباركاً لا نهاية له وكما يليق بجلاله …
مبشرات : قال الإمام موسى بن جعفر (ع) ( الرؤيا على ثلاث بشرى من الله وتحزين من الشيطان والذي يحدث به الإنسان نفسه فيراه في منامه ) المصدر السابق . وهي ما يبشر الله بها المؤمنين حسب حالهم في الدنيا وفي الآخرة وكما في قوله تعالى (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (يونس:64)
في كنـز الفوائد للكراجكي في دار السلام ج4 ص236 عن رسول الله (ص) (رؤيا المؤمن تجري مجرى كلام كلم به الرب عبده ) .
دار السلام عن بحار عن الدر المنثور عن عبادة بن الصامت عن الرسول (ص) في قوله تعالى (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) قال : هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن لنفسه أو ترى له وهو كلام يكلم به ربك عبده في المنام ) وفي هذا إشارة لحجية الرؤيا على الغير وليس على الرائي .
عن الصادق (ع) ( الرؤيا من الله و……) دار السلام ج4 ص155 .
دار السلام عن بحار عن الدر المنثور عن عبادة بن الصامت عن الرسول (ص) في قوله تعالى (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) قال : هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن لنفسه أو ترى له وهو كلام يكلم به ربك عبده في المنام ) وفي هذا إشارة لحجية الرؤيا على الغير وليس على الرائي .
في كنـز الفوائد للكراجكي في دار السلام ج4 ص236 عن رسول الله (ص) (رؤيا المؤمن تجري مجرى كلام كلم به الرب عبده ) .
دار السلام ج1 ص18 في الكافي عن الإمام الصادق (ع) قال ( رأي ورؤيا المؤمن في آخر الزمان على سبعين جزء من أجزاء النبوة ).
في فلاح السائل للسيد رضي الدين علي بن طاووس (قدس سره) … عن سهل بن صفه قال : سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : من أراد أن يرى رسول الله (ص) في منامه فليصل العشاء الآخرة وليغتسل غسلاً نظيفاً ، وليصل أربع ركعات بأربعمائة مرة آية الكرسي ، وليصلي على محمد وال محمد ألف مرة ، وليبيت على ثوب نظيف لم يخلع عليه حلالاً ولا حرام وليضع يده اليمنى تحت خده الأيمن وليسبح مائة مرة (سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله) وليقل (ما شاء الله) فانه يرى النبي (ص) في منامه .
في مصباح الكفعمي … من أراد رؤية أحد من الأنبياء والأئمة والناس او الوالدان في نومه فليقرأ والشمس و الليل والقدر والجحد والإخلاص والمعوذتين ثم يقرأ الإخلاص مائة مرة ويصلي على النبي مائة مرة وينام على الجانب الأيمن على وضوء يرى من يريد ويكلمهم بما يريد من سؤال وجواب .
في الإقبال في أعمال شهر شعبان عن النبي (ص) قال : من تطهر ليلة النصف من شعبان فاحسن الطهر ولبس ثوب نظيف ثم خرج إلى مصلاه وصلى العشاء الآخرة ثم صلى بعدها ركعتين يقرأ في أول ركعة الحمد وثلاث آيات من أول البقرة وآية الكرسي وثلاث آيات من آخرها وفي الثانية الحمد مرة وقل أعوذ برب الناس سبع مرات والفلق سبع مرات والتوحيد سبع مرات ثم يسلم ويصلي بعدها أربع ركعات يقرأ في أول ركعة يس وفي الثانية حم والدخان وفي الثالثة آلم السجدة وفي الرابعة تبارك ثم يصلي بعدها مائة ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد مرة والتوحيد عشر مرات ، قضى الله تعالى له ثلاث حوائج أما في عاجل الدنيا أو في آجل الآخرة ثم إن سئل الله أن يراني في ليلته يراني
في حاشية جنة الوافي للشيخ ابراهيم الكفعمي (ره) قال : رأيت في كتاب خواص القرآن أن من قرأ ليلة الجمعة بعد صلاة يصليها من الليل الكوثر ألف مرة وصلى على محمد واله ألف مرة أي النبي (ص) في نومه .
في فلاح السائل للسيد رضي الدين بن طاووس ما لفظه : إذا أردت رؤيا مولاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) في منامك فقل عند مضجعك ( اللهم أني أسألك يامن له لطف خفي وأياديه باسطة لا تنقضي أسألك بلطفك الخفي الذي ما لطفت به لعبد إلا عفى أن تريني مولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في منامي) .
روي عن الشيخ في المصباح عن الباقر (ع) قال : قال رسول الله (ص) من صلى ليلة النصف من شعبان مائة ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد عشر مرات لم يمت حتى يرى منزله في الجنة أو يرى له .
ينقل العلامة النوري في دار السلام ج4 ص273
قال رسول الله (ص) ( من راني في منامه فقد رآني ، فان الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي ولا في صورة شيعتهم )
وفي مجمع الزوايد للهيتمي المصري عن أبي قتادة قال رسول الله (ص) ( من رآني فقد رأى الحق ) ، وفي نفس المصدر عن النبي (ص) ( من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة إن الشيطان لا يتمثل بي )
وقال (ص) ( من رآني فقد رآني فأني أُرى في كل صوره )
(الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (البقرة 1-5)
المنذرات
الرؤيا التحذيرية / وهي كما ورد في حديث الإمام الصادق (ع) (إذا كان العبد على معصية الله عز وجل وأراد به خيراً أراه في منامه رؤيا تروعه فينـزجر بها عن تلك المعصية ) دار السلام ج4 ص155
ومن الواضح من الحديث إن العبد الذي على معصية هو ليس بالضرورة أن يكون من المؤمنين بل قد يكون من الكافرين مثل رؤيا فرعون (لعنه الله) عندما ( رأى في منامه كان ناراً قد أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر فأحرقتها وأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل فدعا فرعون الكهنة فسألهم عن الرؤيا فقالوا يولد في بني إسرائيل غلام يسلبك ملكك ويغلبك على سلطانك ويخرجك وقومك من أرضك وقد أظلك زمانه الذي يولد فيه فأمر فرعون بقتل كل غلام يولد في بني إسرائيل ) دار السلام ج1 ص119 .
الرؤيا التكفيرية / وهي التي تكون كفارة لذنوب ومعاصي المؤمنين ، عن الإمام الصادق (ع) في تتمة حديث طويل لوصف الموالي لآل البيت (ع) ( وأدنى ما يصفى به ولينا انه يريه الله رؤيا مهولة فيصبح حزيناً لما رأى فيكون ذلك كفارة له )دار السلام ج4 ص155.اما المخالفين للمذهب الحق لا يرونهم (ع) في المنام أصلاً فان المؤمن المحق الذي يعتقد فيهم النبوة والإمامة ويعترف بفضائلهم ومناقبهم ويعرفهم بما هم عليه من الصفات الإلهية والأوصاف الربانية والكمالات النفسانية الظاهرية والباطنية إذا توجه إليهم بقلبه في اليقظة وجعلهم في باله أمام أقواله وأفعاله فقد توجه الى النبي (ص) والإمام الصادقين الأصليين
دار السلام ج1 ص391 ( أفرى الفرى من ادعى إلى غير أبيه وأفرى الفرى من أرى عينه ما لم تريا ).
نفس المصدر قال رسول الله (ص) ( من كذب في الرؤيا متعمداً كان كمن عقد شعيرة في القيامة )
نفس المصدر قال (ص) ( من أعتى الناس من قتل غير قاتله أو طلب بدم الجاهلية في الإسلام أو بصر بعينه ما لم يبصر ) .
(بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) ، (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)
(قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعَالِمِينَ) (يوسف:44)
كما قال تعالى ( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً * وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوه * وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ * ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ * قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّا )
والحمد لله وحده