بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ...
كيف تكون منتظراً حقيقياً ؟
ربّما يجد المرء من نفسه اعتقاداً راسخاً ويقيناً عميقاً بالمقومات والنقاط التي يلتزم بها من إيمان وتقوى والتزام بالصلوات وغيرها ولكن لا يحسّ من نفسه بلوعة الانتظار ولا تدمع له عين لألم الفراق، ولا يسهر له جفن شوقاً الى اللقاء وطمعاً في لحظة الوصال. ولا تقضّ مضجعه ذكرى الغريب المضطّر.
فهو مؤمنّ بالمنتظَر عليه السلام على مستوى النظرية من دون تجسيد ذلك على مستوى التطبيق والواقع العملي، فمن هنا كان لزاماً على المرء المنتظر ولكي يجمع بين المفهوم والمصداق والنظرية والتطبيق، ولكي يجعل من نفسه مفردة إيمانية محصّلة لكامل مفردات الايمان لابدّ إذن من رسم خطوات عملية ممنهجة، ووضع آليّة حركية خاصة لكسب هذه المقومات وتحصيل صفة المنتظِر والانتظار إن كانت مفقودة وتركيزها وتقويتها إن كانت ضعيفة. وأفضل منهجيّة يتّبعها الانسان وأسلم برنامج عملي مضمون النتائج لكسب هذا المقام الشامخ هو ما رسمه أهل البيت عليهم السلام لنا وما نهجوه من منهاج.
فلذا من الأفضل تتبّع آثارهم الشريفة وسلوك أقوالهم الكريمة والانتهال من نميرهم العذب.
ووهناك عدة خطوات هي:
1 ـ ألا يكون الانتظار لأجل تحقيق مطامع شخصية وتحصيل وجاهات ذاتية فانّ هذا الانسان ليس منتظراً للامام عليه السلام في الحقيقة وإنّما هو منتظرٌ للحصول على الشهوات النفسانية واللذّات الجسمانية. كما قال أمير المؤمنين (إني أريدكم لله وأنتم تريدونني لأنفسكم) ، ولهذا نجد الامام الصادق عليه السلام يحذّر أبا بصير رحمه الله من مثل هذا الانتظار القائم بالحقيقة على الأطماع الذاتية، كما جاء في أصول الكافي عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك، متى الفرج؟ فقال: يا أبا بصير، وأنت ممّن يريد الدنيا، من عرف هذا الأمر فقد فرّج عنه لانتظاره.
وهكذا جاء في تحف العقول عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: افترق الناس فينا على ثلاث فرق:
فرقة أحبّونا انتظار قائمنا ليصيبوا من دنيانا فقالوا، وحفظوا كلامنا وقصروا عن فعلنا فسيحشرهم الله الى النار، وفرقة أحبّونا وسمعوا كلامنا ولم يقصروا عن فعلنا، ليستأكلوا الناس بنا فيملأ الله بطونهم ناراً يسلط عليهم الجوع والعطش، وفرقة أحبّونا وحفظوا قولنا وأطاعوا أمرنا ولم يخالفوا فعلنا فاولئك منّا ونحن منهم.
وهذا يذكّرنا بحال طلحة والزبير حينما بايعا علياً طمعاً في أن ينالا منه سلطاناً أو جاهاً فلما خابا وخسئا نكثا بيعتهما وأخلفا وعدهما وباءا بالخسران المبين في الدنيا والاخرة.
2 ـ السعي الحثيث والجاد لتهذيب النفس وتحليتها بالاخلاق الفاضلة وتقوى الله والورع عن محارمه، فقد جاء في الحديث الشريف عن أ بي عبد الله عليه السلام: من سرّه أن يكون من أصحاب القائم فلينتظِر، وليعمل بالورع ومحاسن الاخلاق وهو منتظر، فان مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدّوا وانتظروا هنيئاً لكم أيتها العصابة المرحومة.
3 ـ التهيء العسكري: ـ
الأمر الثالث المحقق لكمال الانتظار وتمامية الشخصية المنتظرة هو التهيء في البعد العسكري والاستعداد الكامل في بناء الذات من ناحية قتالية من خلال التربية البدنية والجسدية حتى تكون مؤهلة لذلك اليوم المنشود، وقادرة على الحركة بقوة وصلابة في ميادين القتال تحت راية الامام عليه السلام، أو من خلال تهيئة السلاح الكامل المناسب لذلك العصر، وقد أمر أهل البيت عليهم السلام بذلك صريحاً في أحاديثهم المباركة فعن أبي بصير كما جاء في غيبة النعماني قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ليُعدَّن أحدُكم لخروج القائم ولو سهماً، فانّ الله إذا علم ذلك من نيّته رجوت لأن ينسيء في عمره حتى يدركه، ويكون من أعوانه وأنصاره.
وهذا ما نجده واضحاً جليّاً في دعاء العهد الذي يستحب قراءته في كلِّ يوم (اللّهم إن حال بيني وبينه الموتُ الذي جعلته على عبادك حتماً مقضيّاً فأخرجني من قبري مؤتزراً كفني شاهراً سيفي مجرّداً قناتي مُلبيّاً دعوة الداعي في الحاضر والبادي ...).
لذا يمكننا أن نسجِّل هذا الأمر في ضمن مفردات الانتظار العملي لما يتمتع به هذا الاستعداد من بعث روح النشاط والحماس والجدّ والرغبة الملحّة والفاعلة لظهوره سلام الله عليه.
4 ـ التهيء العبادي:
لا شك ولا ريب أنّ العبادة بجميع مفرداتها لهي خير وسيلة لتركيز صفة الانتظار في النفس الانسانية وهذا ما نبّه عليه أهل البيت كما قرأت في ضمن الأحاديث السابقة، ولكنّ المهمّ هنا هو دوام ذكره سلام الله عليه والدعاء له فمضافاً الى أنه من أهم العبادات نراه يُشكل عاملاً آخر من عوامل بناء الشخصية المنتظِرة. وقد ذكر لنا أهل البيت عليهم السلام برنامجاً يومياً وأسبوعياً لهذا الأمر ركّزوا من خلاله على هذا الجانب تركيزاً كبيراً، فلذا ينبغي على المؤمن الالتفات اليه وعدم الغفلة عنه، ونحن نذكر هذا البرنامج بشكل مختصر لعموم الفائدة:
البرنامج اليومي: ـ
1 ـ قراءة دعاء العهد بعد صلاة الصبح.
2 ـ التصدّق بمبلغ معيّن لسلامة صاحب العصر.
3 ـ الصلاة على محمد وآل محمد 100 مرة بنيّة تعجيل الفرج.
4 ـ قراءة دعاء: اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن ... بعد الصلوات الواجبة.
5 ـ أداء صلاة الغفيلة بين العشائين بنيّة تعجيل الفرج.
البرنامج الاسبوعي: ـ
1 ـ أداء صلاة الإمام المهدي عجل الله فرجه مساء الثلاثاء ليلة الأربعاء.
2 ـ قراءة زيارة آل يس مساء الخميس ليلة الجمعة. 3 ـ قراءة دعاء الندبة صباح الجمعة.
وهذة الوصايا لنا ولكم انشاء الله ........... م ن ق و ل للفائدة .